کد مطلب:90488 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:450

خطبة له علیه السلام (01)-یذکر فیها ابتداء خلق السماء و الأرض















بِسْمِ اللَّهِ الرِحْمنِ الرَحِیم اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی لا یَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ، وَ لا یُحْصی نَعْمَاءَهُ[1] الْعَادُّونَ، وَ لا یُؤَدّی حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ.

اَلَّذی لا یُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ، وَ لا یَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ.

اَلَّذی لَیْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَ لا نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَ لا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَ لا أَجَلٌ مَمْدُودٌ.

فَطَرَ الْخَلائِقَ بِقُدْرَتِهِ، وَ نَشَرَ الرِّیَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَ وَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَیَدَانَ أَرْضِهِ.

إِنَّ[2] أَوَّلَ الدّینِ مَعْرِفَتُهُ[3]، وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدیقُ بِهِ، وَ كَمَالُ التَّصْدیقِ بِهِ تَوْحیدُهُ،

وَ كَمَالُ تَوْحیدِهِ الاِخْلاصُ لَهُ، وَ كَمَالُ الاِخْلاصِ لَهُ نَفْیُ الصِّفَاتِ عَنْهُ.

لِشَهَادَةِ[4] كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَیْرُ الْمَوْصُوفِ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَیْرُ الصِّفَةِ، وَ شَهَادَتِهِمَا جَمیعاً بِالتَّثْنِیَةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا الأَزَلُ[5].

[صفحه 58]

فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَیْهِ، وَ مَنْ أَشَارَ إِلَیْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ.

وَ مَنْ قَالَ: « فیمَ؟ » فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « عَلامَ؟ » فَقَدْ حَمَلَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « أَیْنَ؟ » فَقَدْ[6] أَخْلی مِنْهُ، وَ مَنْ قَالَ: « مَنْ هُوَ؟ » فَقَدْ نَعَتَهُ، وَ مَنْ قَالَ: « إِلامَ؟ » فَقَدْ غَیَّاهُ[7].

كَائِنٌ لا عَنْ حَدَثٍ، مَوْجُودٌ لا عَنْ عَدَمٍ.

مَعَ كُلِّ شَیْ ءٍ لاَ بِمُقَارَنَةٍ[8]، وَ غَیْرُ كُلِّ شَیْ ءٍ لا بِمُزَایَلَةٍ.

فَاعِلٌ لا بِمَعْنَی الْحَرَكَاتِ وَ الآلَةِ، بَصیرٌ إِذْ لا مَنْظُورَ إِلَیْهِ مِنْ خَلْقِهِ، مُتَوَحِّدٌ إِذْ لا سَكَنَ یَسْتَأْنِسُ بِهِ، وَ لا یَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ.

فَكَذَلِكَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَ تَعَالی ، وَ فَوْقَ مَا یَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ[9].

أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً، وَ ابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلا رَوِیَّةٍ أَجَالَهَاَ[10]، وَ لا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا، وَ لا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا، وَ لا هَمَامَةِ[11] نَفْسٍ اضْطَرَبَ فیهَا.

أَحَالَ[12] الأَشْیَاءَ لأَوْقَاتِهَا، وَ لأَمَ بَیْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا، وَ غَرَّزَ غَرَائِزَهَا، وَ أَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا[13]، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا، مُحیطاً بِحُدُودِهَا وَ انْتِهَائِهَا، عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحْنَائِهَا[14].

ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الأَجْوَاءِ، وَ شَقَّ الأَرْجَاءِ، وَ سَكَائِكَ الْهَوَاءِ، فَأَجْری فیهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَیَّارُهُ، مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ.

[صفحه 59]

حَمَلَهُ عَلی مَتْنِ الرّیحِ الْعَاصِفَةِ، وَ الزَّعْزَعِ[15] الْقَاصِفَةِ، فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ، وَ سَلَّطَهَا عَلی شَدِّهِ،

وَ قَرَنَهَا إِلی حَدِّهِ، الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتیقٌ، وَ الْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفیقٌ.

ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ ریحاً اعْتَقَمَ[16] مَهَبَّهَا، وَ أَدَامَ مُرَبَّهَا، وَ أَعْصَفَ مَجْرَاهَا، وَ أَبْعَدَ مَنْشَاهَا،

فَأَمَرَهَا بِتَصْفیقِ الْمَاءِ الزَّخَّارِ، وَ إِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ، فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ، وَ عَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ، تَرُدُّ أَوَّلَهُ عَلی[17] آخِرِهِ، وَ سَاجِیَهُ عَلی[18] مَائِرِهِ، حَتَّی عَبَّ عُبَابُهُ، وَ رَمی بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ.

فَرَفَعَهُ فی هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ، وَ جَوٍّ مُنْفَهِقٍ[19]، فَسَوَّی مِنْهُ سَبْعُ سَموَاتٍ جَعَلَ سُفْلاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً، وَ عُلْیَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَ سَمْكاً مَرْفُوعاً، بِغَیْرِ عَمَدٍ یَدْعَمُهَا[20]، وَ لا دِسَارٍ یَنْتَظِمُهَا[21].

ثُمَّ زَیَّنَهَا بِزینَةِ الْكَوَاكِبِ، وَ ضِیَاءِ الثَّوَاقِبِ، وَ أَجْری فیهَا سِرَاجاً مُسْتَطیراً، وَ قَمَراً مُنیراً،

فی فَلَكٍ دَائِرٍ، وَ سَقْفٍ سَائِرٍ، وَ رَقیمٍ مَائِرٍ.

ثُمَّ فَتَقَ سُبْحَانَهُ مَا بَیْنَ السَّماوَاتِ الْعُلی ، فَمَلأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلائِكَتِهِ، مِنْهُمْ سُجُودٌ لا یَرْكَعُونَ، وَ رُكُوعٌ لا یَنْتَصِبُونَ، وَ صَافُّونَ لا یَتَزَایَلُونَ، وَ مُسَبِّحُونَ لا یَسْأَمُونَ، لا یَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُیُونِ،

وَ لا سَهْوُ الْعُقُولِ، وَ لا فَتْرَةُ الأَبْدَانِ، وَ لا غَفْلَةُ النِّسْیَانِ.

فَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلی وَحْیِهِ، وَ أَلْسِنَةٌ إِلی رُسُلِهِ، وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ.

وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ، وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ[22].

وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِی الأَرَضینَ السُّفْلی أَقْدَامُهُمْ، وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْیَا أَعْنَاقُهُمْ،

وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ، وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ، نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ،

مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ، مَضْرُوبَةٌ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ، وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ.

[صفحه 60]

لا یَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْویرِ، وَ لا یُجْرُونَ عَلَیْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعینَ، وَ لا یَحُدُّونَهُ بِالأَمَاكِنِ[23]،

وَ لا یُشیرُونَ إِلَیْهِ بِالنَّظَائِرِ[24].

ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الأَرْضِ وَ سَهْلِهَا، وَ عَذْبِهَا وَ سَبَخِهَا، تُرْبَةً سَنَّهَا بِالْمَاءِ حَتَّی خَلَصَتْ[25]، وَ لا طَهَا[26] بِالْبَلَّةِ حَتَّی لَزَبَتْ، فَجَبَلَ[27] مِنْهَا صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ وَ وُصُولٍ، وَ أَعْضَاءٍ وَ فُصُولٍ، أَجْمَدَهَا حَتَّی اسْتَمْسَكَتْ، وَ أَصْلَدَهَا حَتَّی صَلْصَلَتْ، لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ، وَ أَجَلٍ[28] مَعْلُومٍ[29].

ثُمَّ[30] نَفَخَ فیهَا مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ[31] إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ یُجیلُهَا، وَ فِكَرٍ یَتَصَرَّفُ بِهَا، وَ جَوَارِحَ یَخْتَدِمُهَا، وَ أَدَوَاتٍ یُقَلِّبُهَا، وَ مَعْرِفَةٍ یَفْرُقُ بِهَا بَیْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ الأَذْوَاقِ وَ الْمَشَامِّ، وَ الأَلْوَانِ وَ الأَجْنَاسِ، مَعْجُوناً بِطینَةِ الأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَ الأَشْبَاهِ الْمُؤْتَلِفَةِ، وَ الأَضْدَادِ الْمُتَعَادِیَةِ، وَ الأَخْلاطِ الْمُتَبَایِنَةِ، مِنَ الْحَرِّ وَ الْبَرْدِ، وَ الْبَلَّةِ وَ الْجُمُودِ، وَ الْمَسَاءَةِ وَ السُّرُورِ.

وَ اسْتَأْدَی اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَلائِكَةَ وَدیعَتَهُ لَدَیْهِمْ، وَ عَهْدَ وَصِیَّتِهِ إِلَیْهِمْ، فِی الإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَهُ، وَ الْخُشُوعِ[32] لِتَكْرِمَتِهِ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ[33]: اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلیسَ[34]، اعْتَرَتْهُ الْحَمِیَّةُ، وَ غَلَبَتْ عَلَیْهِ الشِّقْوَةُ، وَ تَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ، وَ اسْتَهْوَنَ[35] خَلْقَ

[صفحه 61]

الصَّلْصَالِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسَّخْطَةِ، وَ اسْتِتْمَاماً لِلْبَلِیَّةِ،

وَ إِنْجَازاً لِلْعِدَةِ، فَقَالَ: إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرینَ إِلی یَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ[36].

ثُمَّ أَسْكَنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فیهَا عیشَتَهُ[37]، وَ آمَنَ فیهَا مَحَلَّتَهُ، وَ حَذَّرَهُ إِبْلیسَ وَ عَدَاوَتَهُ، فَاغْتَرَّهُ عَدُوُّهُ نَفَاسَةً عَلَیْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ، وَ مُرَافَقَةِ الأَبْرَارِ، فَبَاعَ الْیَقینَ بِشَكِّهِ، وَ الْعَزیمَةَ بِوَهْنِهِ، وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ وَ جَلاً، وَ بِالاِغْتِرَارِ نَدَماً.

ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فی تَوْبَتِهِ، وَ لَقَّاهُ كَلِمَةَ رَحْمَتِهِ، وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلی جَنَّتِهِ،

فَأَهْبَطَهُ[38] إِلی دَارِ الْبَلِیَّةِ، وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّیَّةِ.

وَ اصْطَفی سُبْحَانَهُ مِنْ وُلْدِهِ أَنْبِیَاءَ أَخَذَ عَلَی الْوَحْیِ میثَاقَهُمْ، وَ عَلی تَبْلیغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ[39]، لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَیْهِمْ، فَجَهِلُوا حَقَّهُ، وَ اتَّخَذُوا الأَنْدَادَ مَعَهُ، وَ اجْتَالَتْهُمُ[40] الشَّیَاطِینُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ. فَبَعَثَ اللَّهُ فیهِمْ رُسُلَهُ، وَ وَاتَرَ إِلَیْهِمْ أَنْبِیَاءَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْیِهِ، وَ جَعَلَهُمْ حُجَّةً لَهُ عَلی خَلْقِهِ، فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ إِلی سَبیلِ الْحَقِّ،

لِیَسْتَأْدُوهُمْ میثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَ یُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِیَّ نِعْمَتِهِ، وَ یَحْتَجُّوا عَلَیْهِمْ بِالتَّبْلیغِ، لِئَلاَّ تَجِبَ الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ الإِعْذَارِ إِلَیْهِمْ، وَ یُثیرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَ یُرُوهُمْ آیَاتِ الْمَقْدِرَةِ[41]، مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ، وَ مِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ، وَ مَعَایِشَ تُحْییهِمْ، وَ آجَالٍ تُفْنیهِمْ، وَ أَوْصَابٍ تُهْرِمُهُمْ، وَ أَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَیْهِمْ.

وَ لَمْ یُخْلِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِیٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ، أَوْ حُجَّةٍ لازِمَةٍ، أَوْ مَحَجَّةٍ قَائِمَةٍ. رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ[42] بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ، وَ لا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبینَ لَهُمْ، مِنْ سَابِقٍ سُمِّیَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غَابِرٍ

بعث اللّه رسله بما خصّهم من وحیه، و جعلهم حجّة له علی خلقه، لئلا تجب الحجة لهم بترك الإعذار الیهم. و من: فدعاهم إلی: سبیل الحقّ ورد فی خطب الشریف الرضی تحت الرقم 144.

[صفحه 62]

عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ، عَلی ذَلِكَ نَسَلَتِ الْقُرُونُ[43]، وَ مَضَتِ الدُّهُورُ، وَ سَلَفَتِ الآبَاءُ، وَ خَلَفَتِ الأَبْنَاءُ.

إِلی أَنْ بَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی مُحَمَّدَاً[44] صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِإِنْجَازِ عِدَتِه،

وَ إِتَمَامِ نُبُوَّتِهِ، مَأْخُوذاً عَلَی النَّبِیّینَ میثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَریماً میلادُهُ. وَ أَهْلُ الأَرْضِ یَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَ أَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ، وَ طَرَائِقُ[45] مُتَشَتِّتَةٌ، بَیْنَ مُشَبِّهٍ للَّهِ بِخَلْقِهِ، أَوْ مُلْحِدٍ فِی اسْمِهِ، أَوْ مُشیرٍ إِلی غَیْرِهِ، فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وَ أَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ.

أَلا إِنَّ اللَّهَ تَعَالی قَدْ كَشَفَ الْخَلْقَ كَشْفَةً، لا أَنَّهُ جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ،

وَ مَكْنُونِ ضَمَائِرِهِمْ، وَ لكِنْ لِیَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً، فَیَكُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً، وَ الْعِقَابُ بَوَاءً.

ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ لِقَاءَهُ، وَ رَضِیَ لَهُ مَا عِنْدَهُ،

وَ أَكْرَمَهُ فأكرمه. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی الظاهریة ص 13. و نسخة ابن المؤدب ص 7. و نسخة نصیری ص 6.

و نسخة ابن أبی المحاسن ص 12.

عَنْ دَارِ الدُّنْیَا، وَ رَغِبَ بِهِ عَنْ مَقَامِ[46] الْبَلْوی، فَقَبَضَهُ إِلَیْهِ كَریماً، صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ.

وَ خَلَّفَ فیكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأَنْبِیَاءُ فی أُمَمِهَا، إِذْ لَمْ یَتْرُكُوهُمْ هَمَلاً، بِغَیْرِ طَریقٍ وَاضِحٍ، وَ لا عَلَمٍ قَائِمٍ، كِتَابَ رَبِّكُمْ، مُبَیِّناً حَلالَهُ وَ حَرَامَهُ، وَ فَرَائِضَهُ وَ فَضَائِلَهُ[47]، وَ نَاسِخَهُ وَ مَنْسُوخَهُ، وَ رُخَصَهُ وَ عَزَائِمَهُ، وَ خَاصَّهُ وَ عَامَّهُ، وَ عِبَرَهُ وَ أَمْثَالَهُ، وَ مُرْسَلَهُ وَ مَحْدُودَهُ، وَ مُحْكَمَهُ وَ مُتَشَابِهَهُ، مُفَسِّراً جُمَلَهُ[48]، وَ مُبَیِّنَاً غَوَامِضَهُ.

بَیْنَ مَأْخُوذٍ میثَاقُ عِلْمِهِ[49]، وَ مُوَسَّعٍ عَلَی الْعِبَادِ فی جَهْلِهِ، وَ بَیْنَ مُثْبَتٍ فِی الْكَتَابِ فَرْضُهُ وَ مَعْلُومٍ فِی السُّنَّةِ نَسْخُهُ، وَ وَاجِبٍ فِی الشَّریعَةِ أَخْذُهُ وَ مُرَخَّصٍ فِی الْكِتَابِ تَرْكُهُ، وَ بَیْنَ وَاجِبٍ

[صفحه 63]

بِوَقْتِهِ[50]، وَ زَائِلٍ فی مُسْتَقْبَلِهِ، وَ مُبَایَنٍ بَیْنَ مَحَارِمِهِ. مِنْ كَبیرٍ أَوْعَدَ عَلَیْهِ نیرَانَهُ، أَوْ صَغیرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ، وَ بَیْنَ مَقْبُولٍ فی أَدْنَاهُ، وَ مُوَسَّعٍ فی أَقْصَاهُ.

وَ فَرَضَ عَلَیْكُمْ[51] حَجَّ بَیْتِهِ الْحَرَامِ الَّذی جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلأَنَامِ، یَرِدُونَهُ وُرُودَ الأَنْعَامِ،

وَ یَأْلَهُونَ إِلَیْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ، جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ، وَ إِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ.

وَ اخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً، أَجَابُوا إِلَیْهِ دَعْوَتَهُ، وَ صَدَّقُوا كَلِمَتَهُ، وَ وَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِیَائِهِ،

وَ تَشَبَّهُوا بِمَلائِكَتِهِ الْمُطیفینَ بِعَرْشِهِ، یُحْرِزُونَ الأَرْبَاحَ فی مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ، وَ یَتَبَادَرُونَ عِنْدَ مَوْعِدِ مَغْفِرَتِهِ.

جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی لِلإِسْلامِ عَلَماً، وَ لِلْعَائِذینَ حَرَماً، فَرَضَ حَجَّهُ، وَ أَوْجَبَ حَقَّهُ[52]،

وَ كَتَبَ عَلَیْكُمْ وِفَادَتَه، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی: وَ للَّهِ عَلَی النَّاسِ حِجُّ الْبَیْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیْهِ سَبیلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعَالَمینَ[53].

وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیُهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ: مَنْ مَلَكَ رَاحِلَةً وَ زَاداً یُبْلِغُهُ إِلی بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ لَمْ یَحِجَّ فَلاَ عَلَیْهِ أَنْ یَمُوتَ یَهُودِیّاً أَوْ نَصْرَانِیّاً[54].


صفحه 58، 59، 60، 61، 62، 63.








    1. نعماه. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 4. و ورد نعمه. فی نسخة ابن میثم ج 1 ص 106. و نسخة العطاردی ص 7 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند.
    2. ورد فی صحیفة الإمام الرضا علیه السلام ج 1 ص 23. و دستور معالم الحكم ص 153. و نهج السعادة ج 3 ص 39.
    3. معرفة اللّه. ورد فی المصادر السابقة.
    4. بشهادة. ورد فی نسخة العطاردی ص 7 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند.
    5. ورد فی مسند الإمام الرضا ج 1 ص 23. و ورد و شهادتهما جمیعا بالتّنبیه علی أنفسهما بالحدث الممتنع من الأزل. فی دستور معالم الحكم للقضاعی ص 154. و نهج السعادة للمحمودی ج 3 ص 39.
    6. ورد فی مسند الإمام الرضا ( ع ) ج 1 ص 23. و دستور معالم الحكم للقضاعی ص 154. باختلاف.
    7. ورد فی الكافی ج 1 ص 140. و دستور معالم الحكم ص 154. و المستدرك لكاشف الغطاء ص 43. و نهج البلاغة الثانی ص 48.
    8. بمقاربة. ورد فی نسخة العطاردی ص 7 عن شرح الكیذری.
    9. ورد فی دستور معالم الحكم ص 154. مسند الإمام الرضا ج 1 ص 23. و التوحید ص 57. و نهج السعادة ج 3 ص 40.

      باختلاف بین المصادر.

    10. أحالها. ورد فی.
    11. هامّة. ورد فی نسخة ابن أبی المحاسن ص 8. و ورد همّة فی نسخة العطاردی ص 8 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند. و ورد هماهم فی المصدر السابق عن شرح الكیذری.
    12. أجال. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 5. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 8. و نسخة العطاردی ص 8 عن شرح الراوندی.
    13. أسناخها. ورد فی نسخة العطاردی ص 8 عن شرح الكیذری.
    14. أختانها. ورد فی نسخة العطاردی ص 8 عن شرح الكیذری. و ورد أخیائها. ورد فی المصدر السابق عن شرح الراوندی.
    15. الرُّعود. ورد فی نسخة العطاردی ص 8 عن شرح الراوندی.
    16. أعقم. ورد فی متن منهاج البراعة للخوئی ج 1 ص 368.
    17. إلی. ورد فی نسخة العطاردی ص 8 عن شرح فیض الإسلام. و نسخة عبده ج 1 ص 72.
    18. إلی. ورد فی المصدرین السابقین.
    19. منهفق. ورد فی متن شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 27.
    20. یدّعمها. ورد فی نسخة ابن أبی المحاسن ص 9.
    21. و لا دثار ینظمها. ورد فی نسخة العطاردی ص 8 عن شرح فیض الإسلام. و ورد یطمّها فی.
    22. جنابه. ورد فی نسخة العطاردی ص 9 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند.
    23. بالمواطن. ورد فی نسخة ابن أبی المحاسن ص 10. و نسخة العطاردی ص 9 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند.
    24. بالنّواظر. ورد فی نسخة العطاردی ص 9 عن شرح الكیذری البیهقی.
    25. خضلت. ورد فی المصدر السابق ص 9 عن شرح السرخسی.
    26. ناطها. ورد فی.
    27. فجعل. ورد فی متن منهاج البراعة للخوئی ج 2 ص 39.
    28. أمد. ورد فی متن شرح ابن أبی الحدید ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 31. و متن شرح ابن میثم ج 1 ص 169. و متن مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 289.
    29. ممدود. ورد فی نسخة ابن أبی المحاسن ص 10.
    30. و ورد فی متن منهاج البراعة للخوئی ج 2 ص 39.
    31. فتمثّلت. ورد فی المصدر السابق. و نسخة نصیری ص 6. و نسخة الآملی ص 7.
    32. الخنوع. أی الخضوع. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 6. و نسخة الآملی ص 7. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 11.

      و نسخة العطاردی ص 10 عن نسخة موجودة فی مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور الهند.

    33. سبحانه. ورد فی نسخة العطاردی ص 10. و نسخة عبده ج 1 ص 75.
    34. الأعراف، 11.
    35. استوهن. ورد فی نسخة العطاردی ص 10. و ورد و قبیله ( جنوده ) اعترتهم الحمیّة، و غلبت علیهم الشّقوة، و تعزّزوا بخلقة النّار، و استوهنوا فی نسخة العام 400 الموجودة فی الظاهریة ص 11. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 11. و نسخة الاسترابادی ص 11. و متن منهاج البراعة للخوئی ج 2 ص 55.
    36. الحجر، 36 و 37.
    37. عیشه. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی الظاهریة ص 11. و نسخة ابن المؤدب ص 6. و نسخة نصیری ص 6.

      و نسخة ابن أبی المحاسن ص 11. و نسخة الاسترابادی ص 5.

    38. و أهبطه. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی الظاهریة ص 11. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 11. و متن شرح ابن میثم ج 1 ص 170. و نسخة الاسترابادی ص 5. و نسخة عبده ج 1 ص 76.
    39. أیمانهم. ورد فی.
    40. و احتالتهم. ورد فی نسخة العطاردی ص 11 عن شرح السرخسی، و عن شرح الراوندی.
    41. الآیات المقدّرة. ورد فی نسخة ابن أبی المحاسن ص 12. و نسخة العطاردی ص 11 عن شرح فیض الإسلام. و نسخة عبده ج 1 ص 77.
    42. لا تقصر. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی الظاهریة ص 12. و نسخة عبده ج 1 ص 77.
    43. القرون الماضیة... الدّهور الخالیة. ورد فی نسخة العام 400 الموجودة فی الظاهریة ص 12.
    44. محمّدا رسول اللّه. ورد فی نسخة العطاردی ص 11. و نسخة عبده ج 1 ص 78. و نسخة الصالح ص 44.
    45. طوائف. ورد فی متن شرح ابن أبی الحدید ( طبعة دار الأندلس ) ج 1 ص 38. و متن شرح ابن میثم ج 1 ص 199. و متن مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 292.
    46. مقارنة. ورد فی المصادر السابقة. و نسخة العطاردی ص 11. و نسخة عبده ج 1 ص 78.
    47. نوافله. ورد فی
    48. مجمله. ورد فی نسخة عبده ج 1 ص 79. و نسخة الصالح ص 44.
    49. مأخوذ میثاق فی علمه. ورد فی نسخة عبده ج 1 ص 79.
    50. لوقته. ورد فی نسخة الآملی ص 9. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 13. و نسخة الاسترابادی ص 8. و متن منهاج البراعة ج 2 ص 175. و نسخة العطاردی ص 12.
    51. علیهم. ورد فی نسخة العطاردی ص 12 عن شرح الكیذری البیهقی.
    52. فرض حقّه، و أوجب حجّه. ورد فی نسخة ابن أبی الحدید ج 1 ص 123. و نسخة الصالح ص 45.
    53. آل عمران 97.
    54. ورد فی جامع الأصول لابن الأثیر ج 3 ص 382.